إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
الجهل وآثاره
28302 مشاهدة print word pdf
line-top
أقسام الجهل

أحب أن أذكر أولا حقيقة الجهل وبأي شيء يكون، ثم أذكر بعد ذلك إزالة الجهل والأسباب التي يزول بها، ويمكن أن أذكر قبل ذلك النتائج والآثار السيئة التي حصلت بسبب البقاء على الجهل وأنها آثار سيئة ، أقول -وبالله التوفيق- الجهل ينقسم إلى: 1- جهل بالله وبعبادته . 2- جهل بالشريعة وبالحقوق التي على الإنسان لربه سواءً مما أمر بفعله أو أمر بتركه، والواجب أن يزيل هذا الجهل، أما الجهل بالله فإن كثيرا من الناس يعتقدون أن الله -تعالى- هو ربهم ولكن ينقصهم العلم بأن الله معهم حيث ما كانوا، وينقصهم العلم أن الله -تعالى- يراهم أينما قاموا، ينقصهم العلم بأن الله شديد العقاب ، وينقصهم العلم بأن الله يثيب ويعاقب ، والعلم بشدة العذاب ، والعلم بكثرة الثواب ، جهلوا هذه الأشياء، جهلوا عقاب الله فلم يهمهم ما فعلوا من المعاصي ، جهلوا مراقبة ربهم فلم يهمهم ما وقعوا فيه، جهلوا عظمته وكبرياءه فلم يخافوه، ولم يحبوه ، ولم يرجوه ، جهلوا ما أمروا به فلم يمتثلوا ما نهوا عنه ، ولم ينزجروا، ولا شك أن هذا الجهل من قلة الاهتمام، فلا يجوز -مثلا- أن يبقى الإنسان على هذا الجهل الذي هو جهل بالعقيدة، فنحن بحاجة إلى أن نتعلم هذه الأشياء، وقد كتب فيها وقد ألفت فيها المؤلفات وقد اشتمل عليها القرآن، فمثلا الذي يستحضر أن الله -تعالى- معه دائما كيف يعصيه ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل الإيمان أن تعلم أن الله -تعالى- معك حيثما كنت , وقال تعالى : الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ .
لا شك أن الذي يستحضر أن الله يراه ويطلع عليه، ويعلم سره ونجواه ويعلم ما توسوس به نفسه، كما في قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ .
ويستحضر أن الله يطلع على ضميره ويعلم حديث قلبه ؛ لا شك أنه يخافه أشد الخوف ويرجوه أشد الرجاء، ويحبه غاية المحبة، ويعبده حق العبادة، ويجاهد فيه حق الجهاد، ويبتعد عن المحرمات ويكثر من الحسنات، وما ذاك إلا أن قلبه امتلأ بمعرفة ربه، امتلأ بما يدل على التعظيم فكان أبعد عن الحرام ، وكان أقرب إلى طلب الحلال ، أو الاستكثار من العبادات والقربات، فهذا أثر من آثار الإعراض عن الله تعالى.

line-bottom